سليمان كتاني
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب , ابن عم الرسول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي .
أصاب الجزيرة العربية قحط أنهك العائلة الكبيرة , فهب محمد يخفف العبء عن كاهل عمه , فألحق عليا بأسرته.
ربي علي وترعرع في كنف ابن عمه .
في هذا الوقت كان محمد يتقبل الوحي عن فم جبريل في غار حراء.
وكان علي أول من يشهد ولادة الرسالة الجديدة , وفي سن مبكرة , بين التاسعة والعاشرة,أصبح مقتنعاً بصحة الدين الجديد.
كان باكر النضج ,قوي البنية,حاد الذكاء,ثاقب النظر,شجاعاً,ملعاً بدرجة عالية بالعلوم..وترك أثراً كبيراً بعده في كتاب "نهج البلاغة".. طرحت الرسالة على الرأي العام مبشرة بالتوحيد.
قاومها زعماء قريش واعتبروها نقصاً لآلهتهم وتهديداً بتقويض زعاماتهم.
من هنا كانت بداية الصراع الذي راح يتدرج من عنف الى أعنف ,ثم الى حروب ومجازر.
في كل هذه المراحل كان علي اليد اليمنى لابن عمه والأشجع والأجدى.
وكانت الهجرة أول منفذ للرسالة,اعتمدته مسلكاً للنجاة من بين قبضات الزعماء,الذين صمموا على قتل محمد في إحدى الليالي.
ولكن ابن أبي طالب في سبيل تغطية انسحاب ابن عمه,نام في فراشه,ليوهم المرابطين أن النبي لايزال تحت متناول أيديهم.
وهكذا وفر الوقت الكافي للانسلال والابتعاد تحت جنح الظلام,من حيث حسبت على علي أولى بوادر التضحية.
بعد رجوع المهاجرين من الحبشة التي حدبت عليهم,بدأ الصراع يأخذ شكله العنيف,وكانت "معركة بدر" أول تحقيق,وتلتها "معركة أحد" التي كاد ينقلب فيها النصر الى انخذال..فقد جرح النبي (ص) فيها حتى ظن أنه قتل ,وانفرط عقد المؤمنين.
ولكن علياً ببطولته حقق النصر الأخير,وحقق معه هتاف جبريل المشهور: لاسيف إلا ذو الفقار ولافتى إلا علي.
وعقب هاتين الوقعتين وقعات أخرى أشهرها "وقعة الخندق" التي تسمى بـ "وقعة الأحزاب" إذ تجمع فيها كل الأحزاب والفئات,على اختلاف الميول والقبائل,لمجابهة الرسالة الزاحفة,والتي أصبحت قوة جارفة ونصراً كبيراً.
أما "وقعة خيبر" – المدينة اليهودية المحصنة والمشهورة ببوابتها الصخرية التي اقتلعها علي بقوة زنده – فإن فتحها كان بداية لفتح المدن الكبيرة التي أخذت تسقط أمام قوة الزاحفين,الواحدة تلو الأخرى..حتى عم الفتح,باسم الرسالة ,سائر أنحاء الجزيرة.
في كل هذه المعارك كان الفضل أولاً للمهاجرين,إذ كانوا أول من لبى النبي في هجرته..ثم للأنصار الذين استقبلوا العودة بالمؤازرة.
من أشهر هؤلاء المهاجرين الأولين هو علي بن أبي طالب.
وكثيرهم الذين كان لهم شأن كبير في تسيير الفتح وتحقيق النصر.
وكان علي بن أبي طالب من أحبهم إطلاقاً على قلب النبي.. فهو ربيبه,رفيقه ,مستشاره,ملازمه,الدائم,أخوه..زوج ابنته التي هي أعز الناس عليه,فاطمة الزهراء,أبو الحسن والحسين من فاطمة,اللذين انحصرت فيهما ذرية النبي.
وهو أول المؤمنين وأقوى المدافعين واشجع المناضلين وأصمد المقتحمين وأبلغ المحققين.
ولقد لمح النبي عن ذلك بمثل قوله :
"اللهم وال من والاه,وعاد من عاداه".
"علي مني وأنا من علي".
"من أحب علياً فقد أحبني ,ومن أحبني فقد أحب الله".
"علي مع القرآن والقرآن مع علي".
"حق علي على المسلمين حق الوالد على الولد".
"أنت أخي في الدنيا وفي الآخرة".
"والدي هذان إمامان,قاما أو قعدا".
"كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم,ماخلا ولدي فاطمة,فإني أنا أبوهما".