أحمد الملا
لكي يتجرد الانسان من حب الدنيا والتعلق بها ولكي يكون قلبه مهيأ لبناء روابط وعلاقة مع الله لابد من برنامج روحي يقوم عبره بالتزود بالقوى الإيمانية للمقاومة، فالإرتباط بالقرآن يجعل الفرد يستلهم القوة والثبات فانه شفاء للقلوب، كان الأئمة والاوصياء عندما يتعرضون لمصائب وفتن فأنهم يرجعون إلى القرآن.
(هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).
كما أن الاهتمام بالفرائض والايتاء بالمستحبات والتدقيق فيها والتجنب للمكروهات تعطي الانسان زخما روحيا وشفافية نفسية يقف فيها أمام مغريات الحياة، فكما أن الإنسان يعطي من وقته عدة ساعات للأكل واللبس والراحة كذلك يجب لبناء روحية عالية، يجب الاهتمام بالعبادات اهتماما بالغا ووضع فترة معينة لذلك، لا أن يأتي بها كواجب فقط، انما اللقاء مع الله سبحانه وتعالى
(ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا).
حتى تؤدي دورها في ايقاف زحف الدنيا على الانسان.
فعندما يكرر يوميا 13 مرة على الأقل.
(اهدنا الصراط المستقيم).
بقلب ملؤه اليقين والأمل بالهداية سوف يهديه الله كما ان الصلاة بلا روح يمكن ان تكون غلافا مبطنا بالترف. فلم يصل الفاسد مفسدا ولا أهل النار إلى سقر إلا حين استخفوا أو تركوا الصلاة.
(ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين).
(فخلف من بعدهم خلفا أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا).
واستغلال واستثمار المواسم الاسلامية كشهر رمضان.. لكي ينمي أجواءه الايمانية في الوسط المترف. فأينما يصل الانسان في وحول الغفلة لابد له من ساعات الرجوع والتذكره واعادة التفكير في نفسه، لعلها تكون هي الفرصة المواتية لنجاة مسلم وانقاذ الانسان من الأجواء المترفة والمحيط المفسد ولكن من المسؤول في ذلك؟
المسؤول الأول والأخير هو الإنسان نفسه.
(وهديناه النجدين).
أنت مسؤول عن انهيارها ووقوعها في غياب الترف والتفسخ وأنت المسؤول الأول والأخير في بناء نفسك وروحك. فلا يستطيع أحد أن يزكيك ويخرجك من حب الدنيا ورغبتك فيها إلا نفسك التي بين جنبيك والله عبر القرآن والأنبياء وضع برامج عمل لن وعلينا أن نلتزم بها أولا ودور الأنبياء لا يتجاوز التذكرة والتنبيه، فكما يقول الباري عز وجل:
(فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر).
ولا يتم نقاء النفس وبناء الروح في مواجهة الترف إلا في ظل محاسبة يومية ودقيقة لأن الانسان يوميا معرض لاغواء الشيطان وغفلة الترف.. فلا بد من رقابة شديدة على تصرفاته واعماله كلها فكما في الحديث:
(حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا).
وعن أميرالمؤمنين (ع):
(من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر).
وأكثر الذين يخفقون في متاهات الترف هم الغافلين عن محاسبة النفس فعندما يعيش الانسان حالة الرقابة على النفس واهواءها واعماله وسلوكه يبني ملكة التغلب على الأهواء والشهوات، فيحاسب نفسه عند ارتكاب أي زلة ويعاقبها عند الوقوع في معصية، وكما يقول الباري عزوجل:
(واتقوا الله حق تقاته) فلا يكفي أن يكون في فترة من حياته تقيا ورعا إنما يجب أن تدوم هذه الرقابة ويستمر الاتصال بالله حتى يدوم تعهده تجاه الأمانة الإلهية التي حملها الله إياه.
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا).