قال الله تعالى: (يأيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصبرين) [البقرة]
فُسر الصبر بأنه الصوم، وهذا ما جاء عن الإمام جعفر الصادق (ع): "إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة فليصم؛ فإن الله تعالى يقول: استعينوا بالصبر والصلاة".
والصبر ركن أساسي يفترض توفره مع الإيمان، إذا لا معنى للإيمان من دون عزم على تجسيد هذا الإيمان، ومن دون إرادة وصبر على ما يعترض المؤمن. كما ورد عن رسول الله (ص): "من يتصبر يصبره الله، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، وما أعطي عبد عطاء هو خير وأوسع من الصبر".
فالصبر هو وسيلة ومقدمة لتحقيق العديد من العبادات، فمن يريد أن يجاهد لا بد أن يكون متسلحا بالعزيمة ومستعينا بالصبر على الأذى الذي يمكن أن يلحق به، أو على الأقل إن الجهد الذي يبذل في الجهاد يحتاج لصبر. كذلك فريضة الحج فإنها تحتاج لصبر على المشقة والتعب على القيام بواجبات الحج. والأمر عينه يجري بالنسبة لجميع العبادات والواجبات الدينية. حتى أن ترك الكثير من المعاصي يحتاج لصبر، ومن هنا يظهر لنا الدور المركزي والأساسي للصبر.
والله سبحانه وتعالى عبر في كتابه العزيزعن الصوم بالصبر، الذي أصبح اسما من أسماء الصوم، ولعل سبب التسمية لكون الصوم يتضمن صبرا على الجوع والعطش، وصبرا على ترك بعض الملذات. وأما بالنسبة لمعنى الصبر فقد قال الراغب في مفرداته: "الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده المذل، وقد سمي الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله: (والصبرين في البأساء والضراء وحين البأس)[البقرة/177 ]، (والصبرين على ما أصابهم) [الحج/35 ]، (والصابرات) [الأحزاب/35].